دبي - العربية.نت، القاهرة - مصطفى سليمان
قدم وزير العدل اللبناني إبراهيم نجار اعتذاره عن سحل الشاب المصري في قرية "كترمايا" على أيدي بعض الأهالي والتمثيل بحثته يوم الأربعاء الماضي، بعد الاشتباه في ارتكابه جريمة قتل لرجل عجوز وزوجته وحفيدتيهما.
وقال الوزير في مؤتمر صحافي بالعاصمة اللبنانية بيروت "بصفتي الشخصية أعتذر للشعب المصري والحكومة المصرية عن ردّة الفعل هذه، ولكن هذا الاعتداء لا يمكن أن يُنسى أو يتناسى ما سبب ردة الفعل".
ووصلت جثة محمد مسلم إلى مطار القاهرة اليوم الثلاثاء 4 أيار (مايو) 2010
وتسلّم أهله الجثة حاملين لافتات تطالب بالقصاص من قتلة المواطن المصري، ورافعين المصاحف مهددين بالثأر على طريقتهم لقتل نجلهم إذا ما أخفقت السلطات المصرية في القصاص لنجلهم.
يأتي ذلك فيما كشف التقرير المبدئي لتشريح الجثمان "أن الجثة احتوت على عدد لا حصر له من الطعنات بآلات حادة في جميع جسده، وأمر النائب العام المصري بسرعة إجراء تحقيقات في حادث سحل المواطن المصري ومدى صحة اتهامه بقتل 4 لبنانيين بينهم طفلتان، وهو الأمر الذي أغضب أهالي القرية اللبنانية وحملهم على التمثيل بجثته، كما قرر النائب العام التصريح بدفن الجثة.
وكانت السفارة المصرية في لبنان قد اتصلت أمس، بأسرة المجني عليه، وطلبت إرسال الأوراق والمستندات الخاصة به لنقل جثمانه إلى القاهرة تمهيداً لدفنه، حسب ما ذكرت أسرته.
واستقبل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري السفير المصري أحمد البديوي، في حضور المستشار محمد شطح، وعرض معه التطورات الراهنة والعلاقات الثنائية.
ويتجه تحقيق المفتّشية العامة في لبنان لاتّهام ضابطين بالتقصير في سحل الشاب المصري محمد مسلم المشتبه بارتكابه بجريمة قتل جدين وحفيديهما.
وبعد مرور خمسة أيام، لايزال التحقيق العدلي قائماً دون توقيف أي متهم بقتل
المشتبه فيه بذبح العجوز نبيل أبومرعي وزوجته وحفيدتيهما.
وكان بعض أهالي قرية "كترمايا" التي شهدت تلك الأحداث شاركوا في قتل مسلم وسحله والتمثيل بجثته، وذلك على مرأى من عناصر قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني.
ورغم الإعلان عن وجود 10 مشتبه فيهم، إلا أن القضاء لم يُصدر حتى الآن مذكرات توقيف بحق هؤلاء.
التقصير بين جهازي الأمن والقضاء
الطفلتان زينة وآمنة قبل الجريمة
ونقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية عن مصدر أمني أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أوقف كلاً من آمر فصيلة بعبدا القضائية الرائد مروان الرافعي، وآمر فصيلة درك شحيم الملازم أول هشام حامد، وثمة اتجاه لدى المفتشية العامة في قوى الأمن الداخلي لاتّهام هذين الضابطين بالتقصير.
وتم تعيين الملازم أول ابراهيم حنين آمراً بالوكالة لفصيلة بعبدا القضائية حتى عودة الرافعي. أما جريمة قتل الجدين وحفيديهما فلا جديد في التحقيقات بشأنها ما عدا بلاغ البحث والتحرّي بحق زوج رنا، والدة الطفلتين الضحيتين.
وأشارت الصحيفة إلى أن فترة المراوحة والترقّب التي تسبق انتهاء التحقيقات، تسمح باتضاح الرؤية والتدقيق في حيثيات ما حصل، من هنا تبرز ضرورة معاقبة مرتكبي الجريمة، وبالتالي أهمية تحميل المسؤولية لمن هيّأ حصول جريمة قتل مسلم.
وبالعودة إلى ملابسات القضية، وُضعت الساعات القليلة التي سبقت حصول الجريمة تحت المجهر، فحُصر التقصير بين جهازي القضاء والأمن، وتقاذف الجهازان المسؤولية في سعي دؤوب للتملّص منها.
وقعت جريمة القتل الأولى التي راح ضحيتها أربعة مواطنين لبنانيين بعد ظهر يوم الأربعاء الماضي، وأُلقي القبض على المشتبه فيه بعد ساعات، وفي التحقيقات معه اعترف بمسؤوليته عن الجريمة، وقد تحدّث من دون ضغط.
تناقض في اعتراف "المسحول"
ولفت مصدر متابع للتحقيقات إلى تناقض في اعتراف المشتبه فيه، بعد تكذيب صهره وشقيقه له، وضبط سلاح الجريمة بعد ساعتين على اعترافه.
وبعد ساعات عدة على انتهاء التحقيق الأولي باعتراف الموقوف، اقتيد في العاشرة صباحاً الى "كترمايا للدلالة" وطرح هذا الإجراء استفهامات عن أسبابه، إذ إنه يُعتمد إذا لم تكن أداة الجريمة مضبوطة بعد أو لتأكيد الاعتراف أو للتدليل التقني على أماكن ترك جُثث الضحايا.
وذكر مسؤول أمني رفيع أنه جرى نقل الموقوف الى البلدة لإجراء تدليل تقني بسبب إشارة الأخير الخاطئة الى مكان ترك الجثث، فالموقوف كان قد ذكر أماكن غير الأماكن التي وُجدت فيها الجُثث.
وأضاف المسؤول أن تم الحصول على تصريح من النيابة العامة الاستئنافية لتسليم المشتبه فيه الى الشرطة القضائية، لكن التناقض الحاصل في إفادة المشتبه فيه دفع بقائد الشرطة القضائية العميد أنور يحيى الى إرسال رجال من الأدلة الجنائية التابعة للشرطة القضائية الى منزل الضحايا المختوم بالشمع الأحمر، بهدف إعادة الكشف على مسرح الجريمة، واستدعى ضابط رفيع في قوى الأمن الداخلي محطة تلفزيونية لنقل مشاهد تمثيل المشتبه فيه.
وبعد قُتل مسلم، توالت ردود الفعل الأمنية والقضائية المندّدة بها، وبدأ معها الضباط برمي المسؤولية تارة على زملائهم وتارة على القضاء، لكن بين مسؤولية القضاء والقوى الأمنية، تبرز مسألة الرغبة لدى عدد من الضباط في الإعلان عن الإنجاز الذي تحقق بالقبض على "القاتل" المفترض.
من جهة ثانية، استمرت تداعيات جريمة قتل مسلم تتفاعل في مصر، وتصاعدت في القاهرة حملة تطالب بإجبار لبنان على تقديم المتهمين بالتنكيل بالقتيل المصري للمحاكمة.